تركيز الأحزاب السياسية على ضرورة مخاطبة الناس بالواقع وقول الحقيقة، إنما هو اعتراف ضمني أنها كانت تقدم حلولا وهمية لمشاكل معقدة، وتأكد منها الشعب خلال الاستحقاقات المتتالية التي عرفتها الجزائر العقدين الأخيرين، ممّا جعل نسبة العزوف الانتخابي يرتفع، وتزداد معها هوة الثقة اتساعا بين المواطن والسلطة.
الأحزاب السياسية بهذا «الاعتراف « كأنها تريد أن تزيل من ذهن المواطنين فكرة الأحزاب المطبلة، والمهرولة والضاحكة على الأذقان، تريد أن تخلص نفسها من شوائب وأخطاء الماضي الذي جعل منها مجرد «لجان مساندة»، لا تربط ولا تحل، والمهم بالنسبة لها، أنها تبقى موجودة في المشهد السياسي.
ها هي استحقاقات جديدة، بقانون انتخابات جديد، وأحزاب تريد أن تتغير 360 درجة في الخطاب، لعل وعسى تستطيع أن تغيّر نظرة المواطن إليها وقد سئم منها ومما كانت تنادي به في انتخابات مماثلة، والتي أفرزت مجلسا شعبيا وطنيا، تميز بالتهريج، وتحول في كثير من الأحيان إلى حلبة صراع لينتهي به الأمر إلى الغلق ب»الكادنة»، فهل يمكن أن توفق في أن تغير ذلك الماضي التعيس.
الكرة الآن في مرمى الأحزاب، والعمل أمامها كبير، عليها أن تتكيف مع مرحلة بناء التغيير، وأن تمتلك قوة إقناع كبيرة لتحقيق هذا الأخير، من خلال خطاب مدروس وليس «ارتجالي»، وعليها أن تدرك أن الذي تواجهه ليس أنصارا ولا متعاطفين، وإنما مواطنين، يبحثون عن تغيير، يرتقي إلى مستوى تطلعاتهم، وما كانوا ينتظرونه منذ سنين، حتى أصيبوا بإحباط اجتماعي وسياسي..إلى أن فقدوا الثقة في كل شيء.
هل ستوفق الأحزاب في إقناع المواطنين بهذه الخطوة الهامة في بناء الصرح الديمقراطي وليس ديمقراطية «الواجهة «كما كانت في السابق، المهم أن لديها 20 يوما فقط لتعرض برامجها وتقترح حلولا قابلة للتجسيد، تعيد للمواطن الثقة التي فقدها منذ زمن وبناء مؤسسات لا تزول بزوال الرجال، ولا تهزها عواصف هوجاء.